إياك أن تظن أن الأمية عيب في رسول الله ٬ فإن كانت عيبا في غيره ٬ فهي فيه شرف ؛ لأن معنى أمي يعني على فطرته كما ولدته أمه ٬ لم يتعلم شيئا من أحد ٬ وكذلك رسول الله لم يتعلم من الخلق ٬ إنما تعلم من الخالق فعلت مرتبة علمه عن الخلق.
إياك أن ترد الأمر على الله سبحانه وتعالى !! فإذا كنت لا تصلي ٬ فلا تقل وما فائدة الصلاة ٬ وإذا لم تكن تزكي ٬ فلا تقل تشريع الزكاة ظلم للقادرين ٬ وإذا كنت لا تطبق شرع الله ٬ فلا تقل أن هذه الشريعة لم تعد تناسب العصر الحديث ٬ فإنك بذلك تكون قد كفرت والعياذ بالله ! ولكن قل يا ربي إن فرض الصلاة حق ٬ وفرض الزكاة حق وتطبيق الشريعة حق ٬ ولكنني لا أقدر على نفسي فارحم ضعفي يا رب العالمين ٬ إن فعلت ذلك ٬ تكن عاصيا فقط.
إنْ أخذنا بمبدأ الهجرة فلا بُدَّ أن نعلم أن للهجرة شروطاً أولها أنْ تهاجر إلى مكان يحفظ عليك إيمانك ولا ينقصه ٬ وانظر قبل أنْ تخرج من بلدك هل ستتمكن في المهجر من أداء أمور دينك كما أوجبها الله عليك ؟ فإنْ كان ذلك فلا مانع ٬ وإلا فلا هجرةَ لمكان يُخرِجني من دائرة الإيمان ٬ أو يحول بيني وبين أداء أوامر ديني. وهل يُرضيك أنْ تعيش لتجمع الأموال في بلاد الكفر ٬ وأنْ تدخل عليك ابنتك مثلاً وفي يدها شاب لا تعرف عنه شيئاً قد فُرِض عليك فَرْضاً ٬ فقد عرفته على طريقة القوم ٬ ساعتها لن ينفعك كل ما جمعت ٬ ولن يصلح ما جُرِح من كرامتك.
ويكفيك عِــزّاً وكرامة أنك إذا أردت مقابلة سيدك أن يكون الأمر بيدك .. فما عليك إلا أن تتوضأ وتنوي المقابلة قائلا : الله أكبــر .. ... فتكون في معية الله عز وجل في لقاء تحدد أنت مكانه وموعده ومدته .. وتختار أنت موضوع المقابلة .. وتظل في حضرة ربك إلى أن تنهي المقابلة متى أردت ..! فما بالك لو حاولت لقاء عظيم من عظماء الدنيا ؟! وكم أنت ملاقٍ من المشقة والعنت ؟! وكم دونه من الحُجّاب و الحراس ؟! ثم بعد ذلك ليس لك أن تختار لا الزمان و المكان و لا الموضوع ولاغيره ..!
اذا رأيت فقيرا فى بلاد المسلمين .. فاعلم أن هناك غنيا سرق ماله
الرزق هو ما ينتفع به ٬ وليس هو ما تحصل عليه ٬ فقد تربح مالا وافرا ولكنك لا تنفقه ولا تستفيد منه فلا يكون هذا رزقك ولكنه رزق غيرك ٬ وأنت تظل حارسا عليه ٬ لا تنفق منه قرشا واحدا ٬ حتى توصله إلى صاحبه ٬ قال عليه الصلاة والسلام : يقول ابن آدم مالي مالي ٬ وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ٬ ولبست فأبليت ٬ أو تصدقت فأمضيت.
أي عقل فيه ذرة من فكر لا يجعل لله تعالى شبيها ولا نظيرا ولا يشبه بالله تعالى أحدا ٬ فالله واحد في قدرته ٬ واحد في قوته ٬ واحد في خلقه ٬ واحد في ذاته ٬ وواحد في صفاته.
القرآن يعطينا قيم الحياة ٬ التي بدونها تصبح الدنيا كلها لا قيمة لها ٬ لأن الدنيا امتحان أواختبار لحياة قادمة في الآخرة ٬ فإذا لم تأخذها بمهمتها في أنها الطريق الذي يوصلك إلى الجنة ٬ أهدرت قيمتها تماماً ولم تعد الدنيا تعطيك شيئاً إلا العذاب في الآخرة.
المنافقون لا يلتفتون إلى القيم الحقيقية في الحياة ٬ ولكنهم يأخذون ظاهرها فقط ٬ يريدون النفع العاجل ٬ وظلمات قلوبهم لا تجعلهم يرون نور الإيمان ٬ وإنما يبهرهم بريق الدنيا مع أنه زائل ووقتي.
إرسال تعليق